الصفحات

علاقة عابرة

 (مقلايه مُلهمة)
أجمل التدوينات تلك التي أكتبها وأنا أنتوي فعل شيء أخر غير الكتابة فقط يدفعني هوسي العقلي لتسجيلها, وقتها كنت اغسل الأطباق في تأفف كعادتي حتى وصلت لتلك المقلايه, كانت مقلايه تيفال قديمة هي ليست قديمة حقاً مضي عليها بضعة سنوات فقط, استرجعت شكلها السابق الذي استقر تحت طبقات سميكة من الدهون, وعُدّت بذاكرتي لذلك اليوم الذي اشتريتها فيه وقتها جذبني لونها الطوبي القاتم الجميل والخطوط البيضاء التي تقطعه طوليا, معدنها المصقول بعناية بيد مصممة لراحة حاملها بداخلها ثرموستات (اختفت) كانت تتوهج احمراراً كإشارة لقابليتها للاستخدام كيف حدث أن أصبحت هكذا..؟,أخذت قرارا خطيرًا بمحاولة تنظيفها.
(تأمل 1)
بعد فترة من التأمل تخيلت (قلبي) كتلك المقلايه فيما مضي كان جميلا ومشرقا بحب الحياة لكن بمرور الوقت تراكمت بِه المشاكل, الهموم, والأحزان وفي كل مرة لا اسعي للتّخلص منها أو حلها اتركها وادّعي التفكير والانشغال بأشياء أخرى بعد أيام أنساها تماما(اخبر نفسي أنها انتهت) أو هكذا اعتقد لفرط سذاجتي, بينما كُنت في كل مرة أتغافل فيها عن إيجاد حل فعلي تُتّرك ندبة صغيرة بِه.
(أزمة)
حدث أن أحببت مؤخرا بعد سنوات من إيماني العميق بأنني لن أحب مرة أخرى وبأن قلبي قد استكان تماما لوحدته, أحببت..وأحببت بشدة وصدق تعجبت لهما, و كان المتوقع أن تنتهي قصة حبي تلك نهاية سعيدة (هذا كان توقعي) ولكن لا لا..تذكروا جيداً النهايات السعيدة الأبدية موجودة بالفعل ولكن في الأفلام فقط وليس في الحقيقة ففي حياتنا نتقلب موسمياً بين وجهي عملة فلا سعادة ولا حزن يدومان للأبد.
(رقصاً أندُبكَ)
انفصلنا وارتديت أنا حداد الحب وندبته كما تندب إغريقية بطلها رقصاً, نرقص عندما ننتشي أحيانا ولكننا دائما وابدآ نرقص من شدة الحزن..أتذكر الآن كلمات لا انفك أرددها بين الحين والآخر..
*"يا قدري.. يا أملي.. يا رجلي من دون الرجال يا نسياني راقصني.. خاصرني.. طيرني.. غازلني ..قل "ما أجملك!" بك أحتفي لك أفي ما دمت لي.. ما دمت لك لن أرتدي حداد الحب أحببتُه كما لم تحبّ امرأة و نسيتُه كما ينسى الرجال"
و ها أنا أحاول نسيانك كما الرجال.
(تأمل 2)
أُفكر ثم أُفكر ثم المزيد من التفكير بكاء ودموع ثم دموع وبكاء..محاولات مضنيه للنوم جميعها باءت بالفشل, أيامي الأخيرة وكأنني اقضيها في احدي معسكرات التعذيب اللاإنسانية تلك التي قرأت عنها يوماً ما( حيث لا نوم ولا طعام ولا حياة فقط برد و وحدة وأفكار مؤلمة تعبث بك و تمزقك من الداخل ورغبة دائمة في الموت (ولكن) هنا تتدخل العناية الإلهية وتنقذك يد الرب.
بعد بحث مضني عن الحكمة في هذا(اعني قصة حبي البائسة تلك) اكتشفت أنني كنت في حاجة ماسه لتلك التجربة لأعود كما كنت وكأنني ولدت من جديد لنفض سواد تلك السنون من الأحزان والفشل وأيام البرد والاكتئاب الموسمي والغير موسمي,أزمة حقيقية وضغط يمزقك من كل جانب حتى تنفجر وتتشقق تلك الطبقات السوداء السميكة وتنصهر بفعل الألم.
(استدعاء إيجابي)
تأملاتي تلك عن ما مررت به فجر بداخلي نافورة ضخمة من الكلمات والمشاعر الإيجابية التي أعرفها.."ما لا يقتلك يقويك ".. "لا يصنعنا سوي الم عظيم".. "الحياة هي القابلية للألم"..الخ
(مشاركة الألم)
حدثتني صديقتي ضاحكة في تفسيرها لما يحدث لنا عندما سألتها متعجبة "لماذا يحدث لنا هذا؟! نحب ونخلص ويتركوننا" (ها أنا استعير إجابتها بالنص) "بصي يمكن ربنا بيختبر قلوبنا اللي مركونه من فترة وكأنها كانت محتاجه تزييت كويس بعلاقة زي دي عشان نتأكد إنها لسه شغالة وبكفاءة عالية كمان وانه مش زي ماكنا فاكرين اننا خلاص شطبنا وعمرنا ماهنحب تاني أكيد خير ربنا بيحبنا وعمره ماهيعمل فينا حاجه وحشه خليكِ واثقة من كده بس إحنا نفكر إيه حكمته ونقبلها ونسلم ونبتسم ونفرح ونعيش إيه رأيك بقي..؟!"
(عُدنا)
بعد مجهود طويل وساعات من التنظيف الشاق عادت المقلايه ربما ليس كالسابق ولكنها على الأقل لم تعد قبيحة وستحتفظ بجمالها المؤقت لفترة كانت عملية تنظيفها مؤلمة ولكن انظر للنتيجة وكأنها جديدة,
أنا الأخرى بعد عناء عُدت ولدي قلب أعلم انه مُميز حقاً يخطأ أحيانًا ويجانبه الصواب كثيراً ويتعرض لنكبات متتالية لكنه سيصمد ويحارب حتى النهاية وبمقدرته دائما الحب والإخلاص ولا يزيده الألم سوي أمل وقوة وصلابة.
والآن إليكم النصيحة فتشوا بداخلكم عن تلك القوة الخفية في الحزن أو الفشل وانفضوا عنكم تلك الأفكار السلبية الرهيبة هناك دائما حكمة ربانية والتي من اجلها تعطيكم الأحزان دفعات للأمام وتكون هي طريق النجاح و التميز..أو ببساطة خليكم مقلايه.

 9/4/2012
 *الأبيات لـأحلام مستغانمي.

LinkWithin



Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...